أهمية استدامة للشركات
يمكن أن يكون لأنشطة القطاع الخاص تأثير كبير على البيئة وعلى المجتمعات والاقتصاد ويساهم دمج مبادرات الاستدامة في الشركات والإفصاح عنها في تقاريرها في حل كثير من المشاكل التي يعاني منها العالم وتحقيق مزيد من المكاسب على المستوى الكلي والجزئي.
أ- الأهمية على المستوى الكلي (الاقتصاد): تتمثل الأهمية على المستوى الكلي في زيادة فعالية القطاع الخاص ومجتمع الأعمال في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 17 للأمم المتحدة وتتمثل أهداف التنمية المستدامة والمعروفة كذلك باسم الأهداف العالمية في دعوة عالمية للعمل من أجل القضاء على الفقر وحماية كوكب الأرض وضمان تمتع جميع الناس بالسلام والازدهار.
ب- الأهمية على المستوى الجزئي (الشركات): يعد تحديد وتقييم تكاليف الركائز الثلاث للاستدامة: البيئية والاجتماعية والاقتصادية وإدارتها بشكل فعال، بالإضافة إلى التأثيرات والفرص والمخاطر التي تمثلها مؤشراً على إدارة الشركة بشكل جيد وكفاءتها. وهناك العديد من الشركات تجاوزت التعامل مع ركائز الاستدامة كمهمة منفصلة عن الشركة وقاموا بدمج مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات والاستدامة في أعمالهم اليومية، ودمجها استراتيجياً ومواءمتها مع وظائفها الأساسية و قد أطلق العالم الكبير مايكل بورتر، على هذا النهج “خلق قيمة مشتركة للشركة.

يشجع مفهوم “خلق قيمة مشتركة” الشركات على التفكير في خلق فائدة اجتماعية كوسيلة قوية لخلق قيمة اقتصادية للشركة ويمكن أن يتضمن استخدام عرض قيمة الأعمال لتلبية الاحتياجات المجتمعية إعادة تصميم منتج، وإعادة تشكيل سلسلة القيمة، والمشاركة في دعم الصناعات وشركاء الأعمال نحو هدف اجتماعي أكبر موحد.
الفوائد الاقتصادية لإصدار تقارير الاستدامة
المزايا الاقتصادية الاجتماعية Socioeconomic Benefits
يُعد الإفصاح عن المعلومات غير المالية آلية حاكمة ومنظمة لنموذج اعمال الشركات في متابعة ومراقبة والتأكد من اتساق اعمال الشركات مع روح القانون والنظام الاجتماعي السائد داخل الدولة، وهي أحد أدوات المُساءلة لقطاع الاعمال وفقا للمعايير المعاصرة وهو ما قد يستدل عليه من زيادة معدلات تبني الشركات لمبادرات الإفصاح عن الاستدامة. فقد أصبح لزاما على الشركات أدراج الأهداف غير المالية، الاجتماعية والبيئية، بالإضافة إلى الأهداف المالية، في استراتيجية الشركات التجارية وهو ما يعُرف في بيئة الأعمال باسم خط الأساس الثلاثي Triple Bottom Line للشركات.
وقد أوضح تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) عدد من المزايا الإيجابية لاتباع نهج مبادرات الإبلاغ عن تقارير الاستدامة، وتشمل:
- توفير المعلومات اللازمة للمستثمرين.
- مواكبة المتطلبات والتوقعات المتعلقة بالإفصاح.
- إدارة الأداء المتعلق بالاستدامة.
- فهم المخاطر والفرص الاجتماعية والبيئية.
وعلي مستوي التأثيرات الاقتصادية الكلية، فتساهم التزام الشركات بإعداد تقارير الاستدامة علي تحقيق الاستقرار المالي للدولة، متمثلا ذلك في زيادة الإيرادات الحكومية مثل زيادة الإيرادات الضريبية ذات الصلة بالأنشطة الاقتصادية الخضراء، وانخفاض التكاليف المرتبطة بالمنافع العامة: المياه والطاقة وصيانة البنية التحتية. كذلك تساهم ممارسات الاستدامة في تحسين مؤشرات النمو الاقتصادي للدولة وزيادة تنافسية الاقتصاد القومي وتوجيه الموارد الاقتصادية واستقطاب الاستثمارات المحلية والاجنبية نحو أنشطة اقتصادية جديدة، مثل الأنشطة ذات الصلة بكفاءة الطاقة والحفاظ عليها، أنشطة إعادة تدوير المخلفات (المنزلية والصناعية) أو التخلص الآمن لها، دعم أنشطة المشتريات الصديقة للبيئة، دعم أنشطة المباني الخضراء. كما أن التأثيرات الاقتصادية الكلية تشمل أيضا تحقيق زيادة في المدخرات المحلية، توفير بيئة استثمارية جيدة للشركات الصغيرة والمتوسطة، توفير منظومة صحية قوية وانخفاض نفقات الرعاية الصحية الخاصة بالموظفين. وعلي مستوي التأثيرات الاقتصادية الجزئية، يساعد الإفصاح عن أداء الاستدامة بالأساس في خفض الالتزامات طويلة الأجل من خلال توفير نفقات التشغيل الرئيسية بما ينعكس على الاستقرار المالي للمنشاة. وتعزيز تنافسية الشركة، بما ينعكس علي تحسين نتائج الأعمال التجارية للشركة.
تتمثل أهم المزايا الاقتصادية الاجتماعية Socioeconomic Benefits في تحقيق زيادة في عدد الوظائف المتاحة والمرتبطة بزيادة نمو الشركة المحتمل مع تعزيز الثقة في نشاط المنشاة واستقطاب العمالة الماهرة وتدريب العمالة القائمة على أفضل معايير الإفصاح عن البيانات. كما ان تعزيز الإفصاح عن مؤشرات الاستدامة من شانه ان يُدعم الممارسات الأخلاقية والمهنية الجيدة داخل بيئة العمل بالشركة. كذلك يمكن تحقيق تحسن في مستوي الكفاءة البيئية وذلك فيما يتعلق بالتحسن في كفاءة استخدام مدخلات الإنتاج الخضراء. ويمكن تحقيق عدد من الفورات الاجتماعية متمثلة في مراعاة جوانب البيئية الاجتماعية الخاصة بالسلامة والصحة العامة والحد من التأثيرات الضارة على البيئة المحلية. كما يحقق الالتزام بتلك المعايير تحسين الصورة الذهنية للمنشاة لدى المستهلكين، وبالأحرى تعزيز المصداقية في أعمال الشركة.
وبصفة عامة تشير عدد من الدلائل الخاصة بالممارسات الدولية أن زيادة معدلات تبني الشركات لمبادرات الإفصاح عن الاستدامة تساهم في:
- دعم منظومة الابتكار داخل الشركات: وذلك باستحداث منتجات صناعية أكثر تنافسية. وهذا من شأنه أنه يُمكن الشركات من الحفاظ على حصتها السوقية في المدي البعيد من خلال إيجاد منتجات جديدة.
- دعم الأداء الاجتماعي للشركات: وذلك باستحداث ابتكارات انتاجية تخدم متطلبات التنمية المجتمعية، بما يمكن من إيجاد حلول حقيقية قابلة للتنفيذ للمشكلات الاجتماعية القائمة بالشكل الذي يعزز من المسئولية الاجتماعية للشركات.
- تطوير الأداء البيئي للشركات: وذلك عندما يتم إيجاد طرق إنتاجية مبتكرة أقل تلوثاً وأكثر رشادة في استهلاك الموارد الطبيعية بما يحقق العدالة بين الأجيال الحالية والاجيال المستقبلية.
- تطوير الأداء المالي للشركات: فمن شأن الالتزام بمعايير الاستدامة ان يساهم في استحداث طرق إنتاجية أقل تكلفة بما يساهم في رشادة استغلال الموارد المالية المتاحة للشركات.
- تعزيز الحصول على رأس المال: حيث يميل المستثمرين بصفة عامة إلى الاستثمار في المؤسسات ذات مؤشرات الشفافية الأعلى وذات الثقة بين أصحاب المصالح.
- تحسين السمعة وثقة المستهلكين: حيث من شأن ذلك أن يعزز من مصداقية العلامة التجارية والوصول إلى المستهلكين ذو التفضيل للأهداف الاجتماعية.